ملخص الاوراق التجارية (الشيك)
الباب الثالث: الشيك (Le Chèque)
تمهيد:
أولا: أهمية الشيك
يعتبر الشيك أحدث نشأة من الكمبيالة، فإذا كانت الكمبيالة قديمة قدم الحضارة الإنسانية، فإن الشيك هو وليد العصور الحديثة، هذا ويرجع المؤرخون ظهور الشيك إلى القرن 18 وذلك مع انتشار ظاهرة البنوك خاصة في أوروبا.
وترتبط فكرة الشيكات نشأة وأهمية بفكرة البنوك من خلال أن المسحوب عليه في الشيك يكون دائما وأبدا بنكا أو مؤسسة مالية، على خلاف ما هو عليه الأمر في الكمبيالة أو السند لأمر، إذ قد يكون المسحوب عليه في الورقة الأولى، أو المتعهد في الورقة الثانية بنكا أو شخصا معنويا من غير البنوك أو شخصا ذاتيا طبيعيا (الإنسان)
وقد ازدهر التعامل بالشيك بحيث أصبح أداة وفاء مهمة للديون إضافة إلى كونه أداة لنقل النقود، ومما زاد من أهمية الشيك هو أن العديد من التشريعات تلزم بعض الأشخاص بالتعامل بالشيك بالنسبة لبعض معاملاتهم. وهو النضج الذي سار فيه المشرع المغربي في مدونة التجارة حيث جاء في المادة 18: “يتعين على كل تاجر، لأغراضه التجارية، أن يفتح حسابا في مؤسسة بنكية أو في مركز للشيكات البريدية”.
وفي المادة 306: “يجب أن يقع كل وفاء بين التجار في المعاملات التجارية بشيك مسطر أو بتحويل إذا زاد المبلغ على عشرة آلاف درهم”.
يعاقب على عدم مراعاة مقتضيات الفقرة السابقة بغرامة لا تقل مبلغها عن ستة في المائة من المبلغ الموفى.
يسأل كل من الدائن والمدين عن هذه الغرامة على وجه التضامن”.
ومما زاد في تشجيع الأشخاص على التعامل بالشيك الحماية القانونية التي يحظى بها والتي تستهدف الحفاظ على الثقة العامة وتدعيم مصداقيته كوسيلة وفاء فورية في التعامل عن طريق سن المشرع لمجموعة من الآليات يغلب عليها طابع الوقائي والردعي خاصة فيما يخص إصدار شيكات بدون مؤونة.
ثانيا: تعريف الشيك
لم يعرف المشرع الشيك ولم يحدد طبيعته أو ماهيته، إلا أن الفقه والقضاء استقرا على وضع تعاريف كلها تركز على أهم خصائص الشيك.
وهكذا يمكن تعريف الشيك بأنه: “ورقة أو صك محرر وفق شكلية حددها القانون يتضمن أمرا صادرا من شخص يسمى الساحب موجه إلى المسحوب عليه (بنك أو مؤسسة مالية) وبذلك بدفع مبلغ من النقود عند الإطلاع لفائدة شخص ثالث هو المستفيد أو الحامل”
ثالثا: الإطار القانوني للشيك
على غرار توحيد قواعد الكمبيالة والسند لأمر على الصعيد الدولي سنة 1930، صدرت في 19 مارس1931 اتفاقية جنيف المنظمة للقواعد المطبقة في مجال الشيك.
أما بالنسبة للمغرب فإن أول عمل تشريعي نظم التعامل بالشيك هو ظهير الالتزامات والعقود الصادر في 12 غشت1913 في الفصول من 325 إلى 334 التي تم إلغاؤها بصدور ظهير 19 يناير1939، والذي تبنى فيه المشرع المغربي مقتضيات اتفاقية جنيف لسنة 1931.
وقد بقيت الأمور جامدة لسنوات طويلة، إلى أن تحركت الآلة التشريعية سنة 1996 بصدور مدونة التجارة التي تضمنت النصوص المنظمة للشيك في المواد من 239 إلى 328 إلى جانب نصوص الكمبيالة والسند لأمر.
وللإحاطة بهذا الموضوع سنتعرض لإنشاء الشيك، ولأنواع الشيكات، ثم سنعالج الوفاء بالشيك وعوارضه، والجرائم المتعلقة بالشيك.
الفصل الأول: إنشاء الشيك
باعتبار الشيك تصرفا قانونيا صرفيا، فلا بد من توفره على الشروط الموضوعية والشكلية التي حددها القانون.
المبحث الأول: الشروط الموضوعية والشكلية للشيك
المطلب الأول: الشروط الموضوعية
يجب لكي ينشأ الشيك صحيحا شأنه شأن الكمبيالة والسند لأمر أن تتوفر في أشخاصه أو أطرافه الشروط الموضوعية اللازمة لقيام وصحة التصرفات عامة.
وما دام التعامل بالشيك يعتبر أصلا من الأعمال المدنية فإنه يجب على منشئ الشيك أن يكون متوفرا على الأهلية اللازمة لممارسة الأنشطة المدنية أي بلوغه 18 سنة شمسية كاملة، دون أن يصاب بعارض من عوارض الأهلية كالجنون والسفه والعته…
كذلك يجب أن يكون رضا الساحب موجودا وخاليا من عيوب الرضا، وأن يكون موضوع أو محل الشيك هو الأمر الناجز بأداء مبلغ معين من النقود (م 239)، وأن يقوم الالتزام بالشيك على سبب مشروع وإلا كان الشيك باطلا وكأن لم يكن.
المطلب الثاني: الشروط الشكلية:
وتتمثل في الكتابة والبيانات الإلزامية
الفقرة الأولى: الكتابة
كما هو الشأن بالنسبة للكمبيالة، فإن الكتابة شرط أساسي لنشوء الشيك وكذا لإثباته فالشيك يحرر، وهذا التحرير يجب أن يحصل كتابة طبعا.
وتضع البنوك عادة رهن إشارة زبنائها دفاتر شيكات مطبوعة بنماذج موحدة، ويبقى على الزبون فقط ملء بعض البيانات، وتصدر هذه النماذج بألوان بارزة وتوجد بها علامات مغناطيسية وذلك للحد من ظاهرة تزويرها.
وقد أوجب المشرع تحرير الشيك وفقا للنماذج المسلمة من المؤسسات البنكية أو الهيئة المرخص لها بذلك بحيث كل تحرير مخالف لهذه النماذج يعتبر غير صحيح، وبذلك يمنع تحرير الشيكات على ورق عادي بالرغم من إدراجه لجميع البيانات المتطلبة لإنشائه، ولكن قد يعتبر سندا عاديا لإثبات الدين إذا توافرت شروط هذا السند (الفقرة الأخيرة من المادة 240 م ت)
الفقرة الثانية: البيانات الإلزامية
وهي كالتالي حسب ما جاء في المادة 239 م ت:
أولا: تسمية الشيك
كما رأينا بالنسبة للكمبيالة، فإن الشيك كذلك لا بد أن تدرج هذه التسمية “شيك” في نص السند ذاته، وأن تحرر بنفس اللغة المستعملة لتحرير هذا السند (ادفعوا مقابل هذا الشيك…)، والغاية من ذلك هو التعرف على ماهية الورقة والتمييز بينها وبين الكمبيالة التي يمكن أن تكون بدورها مستحقة الأداء بمجرد الإطلاع ومسحوبة على مؤسسة بنكية.
ثانيا: الأمر الناجز بأداء مبلغ معين
باعتبار الشيك أداة وفاء سهلة وسريعة، فإن الساحب عند إصداره الأمر إلى المسحوب عليه بأداء مبلغ الشيك، فإن هذا الأمر الصادر عنه يجب أن يكون ناجزا، لذا لا يجوز أن يعلق على شرط أو أجل حتى وإن كان هذا الأجل محددا. وهنا يختلف الشيك عن الكمبيالة فإن كان الأمر في هذه الأخيرة يمكن أن يرتبط بأجل محدد أو قابل للتحديد، وهو ميعاد الاستحقاق، فإن الشيك باعتباره مستحق الوفاء بمجرد الإطلاع فإنه لا يجوز أن يرتبط بأجل حتى وإن كان هذا الأجل محددا.
وهكذا فإن ارتبط الشيك بأجل فإن ذلك لا يعتد به، فإن تم فيه تأخير تاريخ إنشائه لمنع صرفه فور صدروه، فإن ذلك التاريخ المؤخر لا يتعد به ويكون مستحق الوفاء فور صدوره، وهو ما أكدته المادة 267 م ت: “الشيك مستحق الوفاء بمجرد الإطلاع، ويعتبر كل بيان مخالف لذلك كأن لم يكن.
الشيك المقدم للوفاء قبل اليوم المبين فيه كتاريخ لإصداره يجب وفاءه في يوم تقديمه”.
والمبلغ المكتوب في الشيك يجب أن يكون نقدا، إذ لا يجوز سحب شيك في شكل بضائع أو قيم منقولة، ويجب ذكر مبلغ النقود بالحروف والأرقام، وقد جرت العادة على ذكر المبلغ بالأرقام في الأعلى وبالحروف في صلب الشيك، وعند الخلاف يعتد بالمبلغ المكتوب بالحروف طبقا للمادة 247 م ت.
وقد منع المشرع اشتراط الفائدة في الشيك (م 245 م ت)، وكل اشتراط يخالف ذلك يجعل الشرط باطلا وكأن لم يكن، أما الشيك فيبقى صحيحا وقائما بوظيفته كاملة.
ثالثا: اسم المسحوب عليه
يعتبر اسم المسحوب عليه بيانا إلزاميا وجوهريا يترتب على تخلفه بطلان الشيك ولا يجوز أن يكون المسحوب عليه سوى مؤسسة بنكية أو فرعا أو وكالة تابعة لها، أو هيئة أخرى يخول لها القانون صلاحية مسك حسابات يمكن أن تسحب عليها الشيكات (م 241) كالخزينة العامة والقرض العقاري وقابضي إدارة المالية، كما يمكن أن يكون المسحوب عليه مصلحة الشيكات البريدية.
ويعاقب الساحب الذي يصدر شيكا على غير المؤسسات البنكية أو ما في حكمها بغرامة قدرها 6% من مبلغ الشيك على ألا يقل مبلغ هذه الغرامة عن مائة درهم (م 307)
ولا يمكن للمؤسسة البنكية أو الهيئات التي خول لها القانون صلاحيات مسك حسابات أن تقوم بسحب شيكات على نفسها، أي أن تكون ساحبة ومسحوبا عليها إلا استثناء بتوفر شروط معينة حددتها المادة 244 م ت وهي:
– أن يكون سحب الشيك قد تم من بنك على أحد فروعه
– أن يكون هذا الشيك اسميا وليس للحامل
رابعا: مكان الوفاء
هذا المكان غالبا ما يكون هو مكان المسحوب عليه، إلا أنه ليس هناك ما يمنع أن يحدد مكان اختياري للوفاء (المحل المختار)، إلا أن هذا المحل المختار يجب أن يكون بنكا.
واستثناء من قاعدة بطلان بطلان الشيك لتخلف بيان إلزامي، فإن عدم ذكر مكان الوفاء في الشيك لا يؤدي إلى بطلانه، بل يبقى صحيحا، ويعتبر مكان الوفاء هو المكان المذكور بجانب اسم المسحوب عليه، وإذا لم يذكر أي مكان بجانب اسم المسحوب عليه اعتبر مكان الوفاء هو مكان وجود المقر الرئيسي للبنك المسحوب، وإذا ذكرت عدة أماكن بجانب اسم المسحوب عليه، فإن مكان الوفاء يعتبر هو المكان الذي ذكر في الأول (م 240)
خامسا: تاريخ ومكان إنشاء الشيك
جعل المشرع من تاريخ إنشاء الشيك بيانا إلزاميا يؤدي تخلفه إلى بطلان الشيك (م 239)، إذ على إثره يتحدد تاريخ وأجل التقديم للوفاء الذي يبدأ احتسابه من التاريخ المبين في الشيك كتاريخ للإصدار، حيث إذا كان الشيك صادرا في المغرب ومستحق الوفاء به، وجب تقديمه للوفاء داخل أجل 20 يوما.
أما إذا كان الشيك صادرا خارج المغرب وكان مستحق الوفاء به وجب تقديمه للوفاء داخل أجل 60 يوما وهذا ما أكدته المادة 267 م ت
كما يفيد تحديد تاريخ الإنشاء في تحديد أهلية الساحب، وتوفر الرصيد أو المؤونة الذي يجب أن يكون موجودا عند إصدار الشيك، وإلا اعتبر الشيك بدون رصيد أو بدون مؤونة.
ويعاقب الساحب الذي يصدر شيكا دون أن يعين فيه تاريخ الإنشاء بغرامة مالية قدرها 6% من مبلغ الشيك على ألا يقل مبلغ الغرامة عن مائة درهم (م 307)
ولا يترتب على وضع تاريخ إنشاء غير حقيقي أو كاذب بطلان الشيك لأنه مع ذلك يحمل تاريخا، كل ما في الأمر أنه تاريخ كاذب أو مغلوط، يعاقب عليه بالعقوبة المشار إليها أعلاه.
وينبغي أن يتضمن الشيك إلى جانب تاريخ الإنشاء مكان إنشائه، فإن لم يذكر هذا البيان بطل الشيك، ما لم يعين مكان بجانب اسم الساحب (م 240)، ويعاقب الساحب أيضا على هذا الإهمال أو الإغفال بنفس الغرامة المذكورة أعلاه (م307).
وتتجلى أهمية ذكر مكان إنشاء الشيك خاصة في حل مشكل تنازع القوانين، وتحديد القانون الواجب التطبيق.
سادسا: اسم وتوقيع الساحب
طبقا للمادة 239 والمادة 308 من م ت يتوجب على كل مؤسسة بنكية أو هيئة مماثلة أن تسلم لزبونها صيغ شيكات على بياض قابلة للوفاء بصندوقها، أن تضمن في كل صيغة اسم الشخص الذي سلمت له أي الساحب تحت طائلة بطلان الشيك الخالي من هذا البيان، لأن تخلف هذا البيان لا يدخل ضمن الاستثناءات التي حددت على سبيل الحصر.
ويجب على الساحب إن أغفل البنك إدراج هذا البيان أن يتدارك الأمر بوضع اسمه، وإلا تحمل نتيجة بطلان الشيك، وإن كان من الممكن أن يعتبر سندا عاديا لإثبات الدين إن توفرت شروط هذا السند، مع بقاء مسؤولية البنك قائمة عن هذا الإهمال لأنه هو الآخر ملزم بتضمين كل صيغة اسم الشخص الذي سلمت له.
ولا ينشأ الشيك صحيحا ومنتجا لآثاره إلا إذا وقعه الساحب، ولا يمكن أن يكون التوقيع، سواء صدر عن الساحب أو عن وكيله إلا خطيا أي استبعاد وسائل التوقيعات الأخرى.
ويتوجب على البنك قبل الوفاء أن يتأكد من صحة توقيع الساحب، استنادا إلى التوقيع الأصلي المودع لديه قبل فتح الحساب والتأكد من عدم تزويره أو تقليده وإلا تحمل بالمسؤولية عن الإهمال وتوجب عليه إصلاح الأضرار اللاحقة بالساحب
وإلى جانب هذه البيانات الإلزامية يملك الأطراف كامل الحرية لإضافة بيانات اختيارية تنظم العلاقات بينهم، شرط أن لا تكون مخالفة لطبيعة قانون الصرف الذي يحكم الشيك، أو بيانات يمنع إدراجها أو مخالفة للنظام العام
الفقرة الثالثة: الآثار المترتبة عن تخلف البيانات الإلزامية
بعد أن حددت المادة 239 من م ت البيانات التي يجب أن يشتمل عليها الشيك، جاءت المادة 24 منه لتبين الأثر الذي يترتب على تخلف إحدى البيانات المذكورة حيث يصبح الشيك باطلا إلى في حالتين تتعلق بمكان الوفاء ومكان الإنشاء
1- فإذا لم يعين مكان الوفاء يعتبر المكان المعين بجانب اسم المسحوب عليه مكانا للوفاء.
ما لم يرد في السند خلاف ذلك، وإذا عنيت عدة أمكنة إلى جانب المسحوب عليه وجب الوفاء في المكان المعين أولا.
وإذا كان الشيك خاليا من البيانات أعلاه أو من بيان آخر، وجب الوفاء في المكان الذي توجد به المؤسسة الرئيسية للمسحوب عليه.
2- إذا خلا الشيك من بيان مكان إنشائه، اعتبر منشأ في المكان المبين بجانب اسم الساحب.
المبحث الثاني: أنواع الشيكات
تتخذ الشيكات صورا وأنواعا مختلفة، تتميز بخصائص ومقومات ذاتية تحكمها مقتضيات خاصة بها، أو لمجرد الاتفاق الناشئ بين المؤسسات البنكية المسحوب عليها والساحب من جهة والساحب والحامل والمستفيد من جهة أخرى، أو تخضع للمقتضيات القانونية المنظمة للشيك العادي
المطلب الأول: الشيك المخطط أو المسطر (Le Chèque Barré)
إن الشيك المخطط هو شيك عادي، إلا أن ما يتميز به هو ذلك التخطيط الذي يرد عليه وهو بيان اختياري ووضع هذا البيان الاختياري يجعل هذا الشيك يختلف عن الشيك العادي سواء من حيث الشكل أو الأداء.
الفقرة الأولى: شكل الشيك المخطط
يعتبر الشيك مخططا كل شيك وضع على وجهه خطين متوازيين، سواء ورد هذين الخطين المتوازيين في الأعلى أو الأسفل في اليمين أو اليسار، المهم هو أن يرد هذا التخطيط على وجه الشيك.
والغاية من الشيك هو تلافي مخاطر السرقة والضياع لأن التخطيط يحول دون الوفاء إلى الحامل أو المستفيد شخصيا، وإنما يفرض على المؤسسة البنكية أو الهيئة المسحوب عليها أن تفي بالمبلغ إما لأحد زبائنها أو لمؤسسة بنكية حيث يدرج في حساب الحامل أو المستفيد.
ويكون التسطير بوضع خطين متوازيين من طرف الساحب أو الحامل، وأن يكون عاما أو خاصا (م 280)، ويعد التسطير عاما “Le Barrement Général” إذا وضع الخطين المتوازيين دون كتابة أي شيء بينهما (/ /)، أو كتابة لفظة “مؤسسة بنكية” دون تحديد هوية أو اسم المؤسسة البنكية المعينة \مؤسسة بنكية\.
ويعتبر التسطير خاصا “Le Barrement Spécial” إذا وضع بين الخطين اسم مؤسسة بنكية أي محددة الهوية وهو البنك الذي سيتولى تحصيل مبلغ الشيك لفائدة زبونه مثلا: (/بنك الوفاء/) (/البنك الشعبي/).
ويمكن تحويل التسطير العام إلى تسطير خاص، ويكفي لذلك وضع اسم المؤسسة البنكية بين السطرين العامين، ولكن العكس غير صحيح، أي أنه لا يمكن تحويل التخطيط الخاص إلى التخطيط العام بحيث لا يمكن حذف أو التشطيب على اسم البنك المحدد بين الخطين، ويعتبر ذلك الحذف كأن لم يكن، ويبقى التخطيط الخاص ساري المفعول (م 280 م ت).
كما أن التخطيط ككل لا يمكن حذفه أو شطبه، فإذا تم تخطيط الشيك سواء كان هذا التخطيط عاما أو خاصا فلا بد يمكن التراجع عنه بشطبه أو حذفه (م280).
الفقرة الثانية: أداء الشيك المخطط
أن البنك لا يمكنه أن يستلم شيكا مخططا إلا من أحد زبائنه أو من رئيس مكتب الشيكات البريدية أو من بنك آخر. فلا يجوز للبنك أن يحَصَِل قيمة الشيك المخطط لغير هؤلاء (م 281)، أما بالنسبة لأداء الشيك المخطط فإنه يجب التمييز ما بين إذا كان التخطيط عاما أو خاصا.
– فإذا تعلق الأمر بأداء شيك مخطط تخطيطا عاما فإن البنك المسحوب عليه لا يمكنه أن يؤدي مبلغ هذا الشيك إلا إلى مؤسسة بنكية أو لأحد زبنائها.
– أما إذا تعلق الأمر بأداء شيك مخطط تخططيا خاصا فلا يمكن للبنك المسحوب عليه أن يؤدي مبلغ هذا الشيك إلا للبنك المعين في هذا التخطيط الخاص، أي البنك الذي ذكر بين الخطين المتوازيين.
المطلب الثاني: الشيك المعتمد (Le Chèque Certifié)
يقصد بالشيك المعتمد الإشهاد من طرف المؤسسة البنكية بوجود المؤونة أو الرصيد وتجميدها لفائدة الحامل أو المستفيد تحت مسؤولية البنك إلى حين انتهاء أجل تقديم الشيك للوفاء (م 242).
ويتم الاعتماد بتوقيع المسحوب عليه على وجه الشيك (م 242)، هذا وأن المسحوب عليه ملزم باعتماد الشيك كما طلب منه ذلك الحامل أو الساحب، ولا يمكنه رفض اعتماد الشيك إلا إذا كان الرصيد غير موجود أو غير كافي.
وطلب اعتماد الشيك يتم إما من قبل الساحب فيتم إعتماده قبل أن يسلمه إلى الحامل، أو أن يسلم الشيك للحامل وهو الذي يتقدم إلى المسحوب عليه بطلب اعتماده.
ويترتب عن اعتماد الشيك أن المسحوب عليه يتعهد بأمرين:
1- الإقرار بوجود الرصيد أو المؤونة وكفايتها.
2- المحافظة على الرصيد طيلة مدة التقديم لفائدة حامل الشيك.
المطلب الثالث: الشيك المؤشر عليه (Le Chèque Visé)
يختلف الشيك المؤشر عليه أو الحامل للتأشيرة “La Visa” اختلافا جوهريا عن الشيك المعتمد، حيث أن التأشير لا يفيد سوى وجود مقابل الوفاء في تاريخ التأشير، في حين أن الاعتماد يعني وجود مقابل الوفاء أي الرصيد وتجميده من طرف المؤسسة البنكية تحت مسؤوليتها لفائدة الحامل إلى انتهاء الأجل القانوني لتقديم الشيك للوفاء ضمانا للوفاء.
ويتم التأشير بتوقيع المؤسسة البنكية على الشيك بالتأشير ووضع تاريخه من طرفها، وبالتأشير تشهد المؤسسة البنكية على توفر المؤونة لديها يوم التأشير، فإن لم تكن لديها المؤونة ومع ذلك اشرت تلزم بالوفاء إن قدم لها الشيك للإدلاء يوم التأشير.
ولم يشر المشرع المغربي للتأشير في المواد المنظمة للشيك على عكس الاعتماد، ومع ذلك يجري العمل به، كما أن الممارسة البنكية تقره وإن كان نادر الوقوع من الناحية العملية.
المطلب الرابع: الشيكات البريدية (Les Chèques Postaux)
يعتبر الشيك البريدي نوعا خاصا من الشيكات، ذلك أن المشرع خصه بإطار قانوني، وسن له أحكاما خاصة تختلف عن أحكام الشيك العادي. حيث رخص المشرع المغربي منذ أمد بعيد لمؤسسة البريد بإنشاء وتنظيم مصلحة للحسابات الجارية والشيكات البريدية بموجب ظهير 12 ماي1926 والقرار الوزاري الصادر في 15 ماي1926، إضافة إلى ظهير 11 أبريل1930، والمرسوم الصادر في 29 يناير1997 الذي نسخ بعض أحكام مرسوم 15 ماي 1926.
ولقد ازدادت أهمية الشيك البريدي عند ما فرض المشرع على كل تاجر لأغراضه التجارية أن يفتح حسابا في مؤسسة بنكية أو في مركز للشيكات البريدية (م 18 م ت).
وهكذا يمكن تعريف الشيك البريدي بأنه: “سند أو صك يحرر كتابة وفقا للبيانات الإلزامية يتضمن أمرا صادرا من الساحب إلى مكتب البريد المسحوب عليه بأن يدفع مبلغا نقديا بمجرد الإطلاع إلى شخص ثالث هو المستفيد أو الحامل”.
ونظرا للطبيعة الخاصة بالشيك البريدي، فإنه يختلف في العديد من الجوانب عن الشيك العادي والتي سنتعرض لها بإيجاز فيما يلي:
أولا: لكل من الشيكين نظام خاص به وقواعد خاصة تحكمه، فالشيك البريدي يخضع لظهير 12 ماي1926، والقرار الوزاري 25 ماي1926، ومرسوم 29 يناير1997، أما الشيك البنكي أو العادي فيخضع للمواد من 239 إلى 329 من م ت، إلا أن بعض الإجراءات الحمائية والجنائية التي تحكم الشيك البنكي تشمل كذلك الشيك البريدي ضمانا لمصداقية هذا الأخير، وحماية لثقة المتعاملين به (م328).
ثانيا: يختلف أجل تقديم الشيك البريدي عن أجل تقديم الشيك البنكي أو العادي، فمدة التقديم في الشيك العادي هي 20 يوما إذا كان هذا الأخير صادرا في المغرب ومستحق الوفاء فيه، و60 يوما إذا كان صادرا خارج المغرب ومستحق الوفاء فيه، بينما أجل التقديم في الشيك البريدي هي 12 شهرا تبتدئ من تاريخ الإصدار إلى تاريخ وصول الشيك إلى مكتب الشيكات البريدية (م27 من القرار الوزاري لـ29 يناير1997)
إلا أن الشيك البنكي يبقى صالحا وأداة للوفاء حتى بعد فوات أجل التقديم ما لم يدركه التقادم (م 295) عكس الشيك البريدي حيث تعتبر مدة صلاحيته منتهية بمرور مدة 12 شهرا، ويعتبر باطلا ولا عمل به.
ثالثا: إن الشيك العادي يقبل التداول عن طريق التظهير ما لم يرد عليه بيان اختياري يمنعه من ذلك، أما الشيك البريدي فهو لا يقبل التظهير مطلقا.
رابعا: إذا لم يحصل الوفاء للحامل في الشيك العادي، كان هذا الأخير ملزما بإقامة الاحتجاج من أجل الرجوع على بقية الملتزمين بالكمبيالة، بينما حامل الشيك البريدي معفى من القيام بهذا الاحتجاج ما دام مكتب الشيكات البريدية يكون ملزما في حالة عدم الوفاء بإرجاع الشيك للحامل مصحوبا بشهادة عدم الوفاء التي تقوم مقام الاحتجاج.
الفصل الثاني: تداول الشيك والضمان الاحتياطي
يعتبر تداول الشيك عن طريق التظهير قليل الوقوع من الناحية العملية إذا ما قورن مع تداول الكمبيالة، ومرد ذلك لكونه أداة للوفاء لا للإئتمان، ومستحق الوفاء بمجرد الإطلاع. الأمر الذي يؤدي إلى إضعاف خاصية انتقال الشيك عن طريق التظهير. كما أنه يمكن أن يكون موضوعا للضمان الاحتياطي وعموما تبقى كل من مؤسستي التظهير والضمان الاحتياطي متشابهة لما هو عليه في الكمبيالة، لذلك سنقتصر على دراسة بعض الاختلافات الموجودة بينهما.
المبحث الأول: تداول الشيك (التظهير)
لا يختلف تداول الشيك عن تداول الكمبيالة والسند الإذني إلا قليلا، لذلك سنقتصر على دراسة بعض الاختلافات الموجودة بين هذه المؤسسات القانونية فقط.
1- يمكن أن ينشأ الشيك لأول مرة للحامل (Au Porteur) (م243 م ت) على عكس الكمبيالة والسند لأمر، الذي أوجب القانون أن ينشأ لأول مرة مع ذكر اسم المستفيد تحت طائلة البطلان.
2- لا يمكن للمسحوب عليه في الشيك (المؤسسة البنكية أو الهيئة المماثلة) إن ظهر إليه الشيك أن يظهره من جديد، لأن تظهير الشيك المسحوب عليه يعتبر مخالصة، إلا إذا كان للمسحوب عليه عدة مؤسسات، وحصل التظهير لمصلحة مؤسسة غير التي سحب عليها الشيك (م 254 م ت) وعلى عكس ذلك، ففي الكمبيالة يجوز للمسحوب عليه المظهر إليه أن يظهرها من جديد سواء كان قابلا لها أو غير قابل. (م 167 م ت)
3- إن التظهير التأميني للشيك لا يمكن وقوعه على عكس الكمبيالة والسند الإذني، لأنه يغير من طبيعة الشيك باعتباره أداة الوفاء إلى الائتمان، لذلك لم يتعرض المشرع عند تنظيمه للشيك للتظهير التأميني، مكتفيا بالتظهير التام أو الناقل للملكية م 256 م ت والتظهير التوكيلي (م 262 م ت)، مخافة حدوث تحايل لإخفاء جريمة الاحتفاظ بالشيك على وجه الضمان التي يعاقب عليها المشرع بالحبس من سنة إلى 5 سنوات وبغرامة تتراوح بين 2000 و10000 درهم، دون أن تقل قيمتها عن 25% من مبلغ الشيك أو الخصاص (م 316 م ت).
المبحث الثاني: الضمان الاحتياطي
يخضع الضمان الاحتياطي في الشيك لنظام قانوني شبيه بالضمان الاحتياطي في الكمبيالة (م 264 إلى 266 م ت)، ما عدا في مسألتين:
1- لا يمكن أن يقع الضمان الاحتياطي في الشيك من طرف المؤسسة البنكية المسحوب عليها، (م 266 م ت) على عكس الكمبيالة التي يجوز فيها للمسحوب عليه أن يكون ضامنا احتياطيا.
2- كل توقيع على وجه الشيك غير توقيع الساحب يعد ضمانا احتياطيا (م265 م ت) أما في الكمبيالة فيعتبر الضمان الاحتياطي حاصلا بمجرد توقيع الضامن على وجه الكمبيالة، م لم يتعلق بتوقيع الساحب والمسحوب عليه.
الفصل الثالث: الوفاء والمؤونة (مقابل الوفاء)
يعتبر الشيك أداة وفاء وليس أداة ائتمان ولاستيفاء الحامل لدينه يجب تقديم الشيك للوفاء في أجل معين، ووجود مؤونة لدى البنك المسحوب عليه.
المبحث الأول: تقديم الشيك للوفاء وعوارض الأداء
المطلب الأول: التقديم للوفاء
يعتبر الشيك أداة وفاء، فهو يغني عن استعمال النقود، غير أن قبول الدائن شيكا من طرف المدين استيفاء لدينه لا يعتبر وفاء للدين، إلا إذا تم استخلاص مبلغ هذا الشيك من عند المؤسسة البنكية المسحوب عليها، ولذا يجب على الحامل تقديم الشيك للوفاء داخل الأجل القانوني الذي حدده المشرع وإلا فقد حقه في الرجوع الصرفي.
وتقضي المادة 267 م ت بأن الشيك مستحق الوفاء بمجرد الإطلاع عليه، ما لم يكن هناك تعرض مشروع، كما نصت نفس المادة على أن الشيك المقدم للوفاء قبل اليوم المبين فيه كتاريخ لإصداره يجب وفاءه في يوم تقديمه، لذا يجب على المؤسسة البنكية أداء مبلغ الشيك فور تقديمه إليها إن كانت لديها المؤونة الكافية، حتى لو كان يحمل هذا الشيك تاريخا لاحقا لتاريخ تقديمه للوفاء، فالشيك لا يتضمن تاريخ الاستحقاق، بل يحمل تاريخ الإنشاء وليس من حق المؤسسة البنكية أن تعطي مهلة للوفاء أو ترفض الوفاء ما دامت تتوفر على المؤونة ولا توجد أسباب مشروعة للرفض كعدم مطابقة توقيع الساحب للنموذج المودع لديها، أو تخلف أحد البيانات الإلزامية في الشيك…… أو غيرها.
المطلب الثاني: الوفاء الجزئي
يجوز الوفاء الجزئي في الشيك ولا يستطيع الحامل رفضه إذا ما عرض عليه، وليس كذلك من حق البنك المسحوب عليه الشيك رفض الوفاء الجزئي إذا طولب منه، إذ يحق للحامل أن يطالب بالوفاء في ما هو متوفر من مؤونة لدى المسحوب عليه، وفي هذه الحالة يحق للبنك المسحوب عليه أن يثبت على الشيك المبلغ الذي تم الوفاء به حتى يطمئن إلى عدم إمكانية مطالبة مرة ثانية بالمبلغ الذي دفعه، كما أن للحامل أن يحتفظ به ليباشر بمقتضاه الرجوع على الساحب وبقية الملتزمين لاستيفاء القدر الباقي من قيمته.
المطلب الثالث: آجال تقديم الشيك للوفاء
يجب تقديم الشيك للوفاء داخل أجل عشرين يوما تحتسب من اليوم الموالي لسحبه إذا كان صادرا في المغرب وواجب الأداء به، أو داخل سنتين يوما تحتسب من اليوم الموالي لسحبه إذا كان الشيك صادرا خارج المغرب ومستحق الوفاء به.
لكن أجل الوفاء بالشيك يبقى قائما مع ذلك ولو لم يقع التقديم داخل الأجل القانوني ما لم يطله التقادم، لأن الغاية من التقديم داخل الأجل القانوني هو حماية حقوق الحامل في الرجوع الصرفي على بقية الموقعين في الشيك.
وإذا حالت قوة قاهرة دون تقديم الشيك في الآجال المذكورة أعلاه، أمكن تمديد هذه الآجال (م 291 م ت) مع إخطار الحامل لمن ظهر له الشيك بالقوة القاهرة وتقييد الإخطار وتأريخه مع توقيعه على الشيك ذاته، ولا يمكن تقديم الشيك للأداء إلا في يوم من أيام العمل، وإذا صادف آخر يوم في أجل التقديم يوم عطلة، يمدد الأجل إلى أول يوم عمل موالي للعطلة، غير أن أيام العطل التي تقع ضمن أجل التقديم تدخل ضمن هاته المدة وتحتسب في الآجال.
ويحصل أحيانا أن يؤخر الساحب تاريخ تحرير الشيك، في مثل هذه الحالة يحق للحامل تقديمه فور حصوله عليه دون انتظار الميعاد المحدد فيه كتاريخ لتحريره. والقول بغير ذلك يعني منح مهلة للوفاء عن طريق التلاعب في تاريخ تحرير الشيك، وهذا مخالف لطبيعة الشيك كأداة وفاء واجب الدفع بمجرد الإطلاع، بل أكثر من ذلك نجد أن القانون يعاقب كل شخص قام عن علم بقبول أو تظهير شيك بشرط ألا يستخلص فورا وأن يحتفظ به على سبيل الضمان (م 316 م ت).
المطلب الرابع: التعرض على الوفاء (عوارض الأداء)
يلتزم البنك المسحوب عليه أن يؤدي قيمة الشيك للحامل فور تقديمه إليه ولو بعد انصرام الأجل المحدد للتقديم (20 أو60 يوما حسب الآجال) إذا كانت لديه مؤونة، حيث لا يقبل أي تعرض على أداء الشيك إلا في الحالات التي حددها المشرع في المادة 271 م ت.
أولا: حالات التعرض: وتتمثل في حالة ضياع الشيك أو سرقته أو تزويرية، أو الاستعمال التدليسي له، ثم حالة التسوية أو التصفية القضائية للحامل.
1- حالة ضياع الشيك:
يقصد بها كل حالة تؤدي إلى فقدان الشيك من يد صاحبه لأي سبب خارج عن إدراته، والغاية من التعرض هنا هي حماية حقوق الساحب وكذا الحامل من الضياع، وحرمان من عثر على الشيك من الاستيلاء على أموال الغير دون حق.
2- سرقة الشيك:
على الرغم من أن هذه الحالة تشترك مع الحالة الأولى في كون زوال اليد في كليهما غير إرادي، فإن هناك اختلاف جدري بينهما، ففي حالة الضياع، فإن زوال اليد يكون نتيجة خطأ أو إهمال حامل الشيك، أما في الحالة الثانية فزوال اليد كان بفعل أحد من الأغيار دون أن يكون هناك بالضرورة محل لخطأ أو إهمال ممن ضاع منه الشيك، فهنا نكون أمام جريمة اختلاس مال مملوك للغير طبقا لنص المادة 505 ق الجنائي
3- الاستعمال التدليسي للشيك
عبارة واسعة وعامة وفضفاضة، يبقى للتطبيقات القضائية والنقاشات الفقهية دور كبير في إزالة الغموض عنها، فهي تتمثل في جميع صور خروج الشيك في حوزة الساحب بغير إرادته لنصب أو تدليس.
4- تزوير الشيك:
يقصد به كل تزييف أو تحريف أو تغيير بيان بيانات الشيك بالمحو أو الإضافة أو الزيادة أو النقصان، كتزوير التوقيع أو المبلغ…… وغيره ويخضع التزوير لجزائين: جزاء جنائي (م 316 م ت)، وجزاء مدني (م 294 م ت).
5- الحكم على الحامل بالتسوية أو التصفية القضائية.
من حق الساحب أن يتعرض على الوفاء في هذه الحالة استنادا إلى المادة 271 م ت، إلا أنه يهدف إلى حماية مصلحة الدائنين، حيث يمكن أن يكون واحدا متهم، في حالة إذا كان قد أصدر الشيك ليس وفاء لدينه، وإنما على سبيل السلفة أو القرض، فيعلم بالحكم على الحامل بمسطرة من مساطر المعالجة، فيبادر إلى تدارك الأمر قبل فوات الآوان ويتعرض على وفاء الشيك، كما أن هذا الحق يثبت كذلك للسنديك، وإن لم ينص عليه القانون المنظم للشيك، إذا استنادا إلى المقتضيات القانونية لمساطر معالجة صعوبات المقاولة يحق للسنديك أن يستعمل حسابات المقاولة البنكية أو البريدية لما فيه مصلحة المقاولة (م 577 م ت)، كما أنه يمكن للسنديك أن يقوم بالتسيير الكلي (م 619 م ت) أو الجزئي للمقاولة (م 576 م ت)، وبالتالي يمكنه ممارسته حق التعرض على الوفاء حماية لمصلحة المقاولة ودائنيها.
وللحامل في حالة وقوع التعرض على الوفاء في غير الحالات المذكورة أعلاه، أن يطلب من قاضي الأمور المستعجلة رفع التعرض المذكور بعد تبليغ الطلب إلى الساحب، وعلى قاضي الأمور المستعجلة أن يأمر بناء على طلب الحامل برفع التعرض على الوفاء وقراره هذا يكون مشمولا بالنفاذ المعجل.
ثانيا: إجراءات التعرض
حسب نص المادة 271 م ت فإنه يجب: “على الساحب أن يؤكد تعرضه كتابة وبصفة فورية كيفما كانت الوسيلة المستعملة في تلك الكتابة وأن يدعم ذلك بالوثائق الضرورية”. أي أن التعرض يجب أن يكون صريحا، معبرا عن إرادة الساحب في منع الوفاء بقيمة الشيك، عن طريق الكتابة التي تأتي أما في شكل رسالة مضمونة أو برقية أو عبر البريد الالكتروني، أو بأية وسيلة تمكن من وصول التعرض إلى المسحوب عليه بشكل مكتوب وإلا كان عديم الأثر.
المبحث الثاني: وجود المؤونة وانعدامها
المطلب الأول: وجود المؤونة
تعرف المؤونة أو الرصيد بالدين النقدي الذي للساحب على المؤسسة البنكية أو من في حكمها.
وتعتبر المؤونة أهم ضمان في الشيك، وقد تطلب المشرع وجودها عند الإصدار، لأن الشيك يكون مستحق الوفاء بمجرد الإطلاع، ويعتبر كل بيان مخالف لذلك كأن لم يكن (م 267 م ت).
ويجب أن تتوفر في المؤونة مجموعة من الشروط تتجلى في:
أ- يجب أن تكون المؤونة مبلغا من النقود، معينة وناجزة
ب- يجب أن تكون المؤونة موجودة فعلا لدى البنك المسحوب عليه وقابلة للتصرف فيها، أي قابلة للسحب بواسطة الشيك. (م 241 م ت)
ج- يجب أن تكون المؤونة موجودة وقت إصدار الشيك
د- يجب أن تكون مساوية على الأقل لمبلغ الشيك
المطلب الثاني: انعدام المؤونة
يجب أن تكون المؤونة موجودة وقت إصدار الشيك، أي وقت خروج الشيك المحرر والموقع من حوزة الساحب وتسليمه إلى المستفيد، أي إن إغفال الساحب الحفاظ على المؤونة أو تكوينها لأداء الشيك عند تقديمه للوفاء يعرضه للعقاب والمساءلة الجنائية بصرف النظر عن حسن أو سوء نيته، (م 316 م ت) مستبعدا تطبيق المادة 543 من القانون الجنائي من التطبيق على جرائم الشيك.
وقد جاءت مدونة التجارة بتصور جديد لمعالجة معظلة إصدار شيكات بدون مؤونة يقوم أساسا على الإجراءات الوقائية المتمثلة في الحظر البنكي والقضائي قبل اللجوء إلى الردع الجنائي.
أولا: الحظر البنكي
يرجع الأساس القانوني للحظر أو المنع البنكي إلى المادتين 312 و313 من م ت اللتان تقضيان بحرمان صاحب الحساب لدى مؤسسة بنكية من حقه في التعامل أو استعمال الشيكات خلال مدة معينة نتيجة إخلاله بالوفاء لعدم وجود المؤونة أو عدم كفايتها، وهكذا يسقط حق صاحب الحساب في استعمال الشيكات لمدة عشر سنوات تبتدئ من تاريخ التوصل بأمر التوقف، ولا يبقى من حقه إلا استعمال شيكات السحب، إذ خول له المشرع الحق في سحب الودائع النقدية التي لديه لدى المؤسسة البنكية، أو الشيكات التي تم اعتمادها، وكل تصرف مخالف لذلك يؤدي إلى تعرض صاحب الحساب للعقوبة المتمثلة في الحبس من شهر إلى سنتين وبغرامة من 1000 إلى 10000 درهم، وتطبق نفس العقوبة على الوكيل الذي أصدر عن علم شيكات منع إصدارها على موكله عملا بمقتضيات المادتين 313 و317 م ت.
ثانيا: إجراءات التسوية ووقف المتابعة
يمكن لصاحب الحساب وقف الإجراءات المتخذة ضده بمناسبة إخلاله بالوفاء وذلك بمبادرته إلى إجراء التسوية وفق ما نصت عليه م 313 م ت، وذلك في أي وقت طيلة مدة المنع ليستعيد من خلالها الحق في إصدار الشيكات من جديد وذلك بعد استيفاء الشرطين التاليين:
1- أداء مبلغ الشيك غير المؤدى، أو توفير مؤونة كافية وموجودة لأداته من طرف المسحوب عليه.
2- أداء غرامة مالية تتصاعد تدريجيا حسب عدد العوارض المرتكبة من طرف الساحب على الشكل التالي:
+ 5% من مبلغ الشيك أو الشيكات غير المؤداة موضوع الإنذار الأول
+ 10% من مبلغ الشيك أو الشيكات موضوع الإنذار الثاني
+ 20% من مبلغ الشيك أو الشيكات موضوع الإنذار الثالث، وكذا الإنذارات اللاحقة.
ثالثا: المتابعة القضائية
يخضع صاحب الحساب البنكي الذي أغفل أو لم يقم بتوفير المؤونة، أو لم يقم بتسوية وضعية مسبقا لجزاءات تتمثل في العقوبة الحبسية وغرامات مالية ومنع قضائي.
1- العقوبة الحبسية: وتتمثل في الحبس من ستة إلى خمس سنوات م 316 م ت، مع إمكانية الاستفادة من إجراء وقف التنفيذ أو تخفيض عقوبة الحبس أو إسقاطها بالنسبة للساحب أو بالنسبة لكل مساهم أو مشارك إذا قام ساحب الشيك بدون مؤونة بتكوين أو إتمام المؤونة خلال أجل عشرين يوما من تاريخ التقديم (م325 م ت).
2- الغرامة المالية: بالإضافة إلى العقوبة الحبسية، يخضع الساحب الذي أغفل أو لم يقم بتوفير مؤونة الشيك لغرامة مالية تتراوح بين 2000 و10000 درهم دون أن تقل قيمتها عن 25% من مبلغ الشيك أو الخصاص.
3- المنع القضائي: يجوز للمحكمة في الحالات المنصوص عليها في المادة 316 أن تمنع المحكوم عليه خلال مدة تتراوح بين سنة وخمس سنوات من إصدار شيكات غير التي تمكنه من سحب مبالغ مالية لدى المسحوب عليه أو شيكات معتمدة، وهي عقوبة إضافية يجوز للمحكمة النطق بها طبقا لسلطتها التقديرية، على خلاف المنع البنكي الذي هو إلزامي ووجوبي.
كما يجوز للمحكمة أن تأمر بنشر ملخص الحكم القضائي بالمنع في الجرائد التي تعينها طبقا للكيفية التي تحددها على نفقة المحكوم عليه مع التزامها بإعلام بنك المغرب بملخص الحكم بالمنع الذي يجب عليه أن يخبر به المؤسسات البنكية.
وحرصا من المشرع على ضمان فعالية الإجراءات الوقائية والردعية التي جاء بها في مدونة التجارة، فقد عاقب كل من يقوم بخرق هذا المنع بالحبس من شهر إلى سنتين وبغرامة من 1000 إلى 10000 درهم سواء صدر هذا الخرق من صاحب الحساب أو من وكيله الذي يعلم أن موكله ممنوع من إصدار الشيكات، وتضاعف هذه العقوبة متى تم سحب الشيكات خرقا للمنع ورفض وفاؤها عند التقديم لعدم وجود مؤونة كافية.
المبحث الثالث: دعوى الرجوع الصرفي
خلافا للكمبيالة، لا يوجد في الشيك رجوع قبل أو في تاريخ الاستحقاق، كما لا يوجد فيه احتجاج عدم القبول، بل يوجد فيه الرجوع لعدم الوفاء عند التقديم، لأن الشيك يكون مستحق الأداء بمجرد الإطلاع عليه.
المطلب الأول: إجراءات الدعوى الصرفية
أولا: إقامة الاحتجاج: يعتبر الاحتجاج إجراء لا بد منه حتى يتسنى للحامل الرجوع على الملتزمين بالشيك – فرادى أو مجتمعين دون اتباع أي ترتيب معين- إذا ما رفض المسحوب عليه أداء الشيك المقدم إليه، ويتم إقامة الاحتجاج قبل انتهاء أجل التقديم (20 أو 60 يوما حسب الأحوال)، ما لم يعترضه سبب من أسباب القوة القاهرة، فإن لم يقع التقديم إلا في اليوم الأخير من الأجل، أمكن إقامة الاحتجاج في أول يوم عمل يليه.
ويجب أن يقام الاحتجاج بواسطة أعوان كتابة الضبط للمحكمة الموجود بدائرتها موطن الملزم بوفاء الشيك أو أي موطن معروف له وذلك طبقا لما نص عليه المشرع في المادتين 298 و300 م ت.
ثانيا: توجيه الإعلام
يوجه حامل الشيك إعلاما بعدم الوفاء إلى الساحب أو إلى من ظهر إليه الشيك داخل أجل ثمانية أيام الموالية لإقامة الاحتجاج أو ليوم التقديم أن تضمن الشيك بيان الرجوع بلا مصاريف أو بدون احتجاج، وإذا ذكر في الشيك اسم ساحب وموطنه، يلزم أعوان كتابة الضبط بإعلام الساحب المذكور داخل الأربعة الأيام الموالية لإقامة الاحتجاج بأسباب رفض الوفاء عن طريق البريد المضمون، ويجب على كل مظهر توصل بالإعلام أن يخطر من ظهر إليه الشيك داخل أربعة أيام العمل الموالية لليوم الذي توصل فيه بالإعلام، وأن يبين أسماء وعناوين من قدموا الإعلامات السابقة، وهكذا إلى أن يصل إلى الساحب غير أن إهمال توجيه الإعلام داخل الأجل القانوني لا يترتب عليه سقوط الحق في الضمان، وإنما يكون المخل مسؤولا عند الاقتضاء عن الضرر الذي تسبب فيه بإهماله، ولكن دون أن يتجاوز التعويض مبلغ الشيك
المطلب الثاني: سقوط حق الرجوع
إن الحق في إقامة الدعوى الصرفية ليس حقا مطلقا، إذ قد يسقط إما بسبب الإهمال أو التقادم.
أولا: السقوط بسبب الإهمال
عند إهمال الحامل تقديم الشيك داخل الأجل القانوني، أو عند إهماله لإقامة الاحتجاج بعدم الوفاء، يسقط حقه في إقامة الدعوى الصرفية وبالتالي الرجوع الصرفي على الملتزمين بالشيك، غير أن هذه القاعدة ترد عليها بعض الاستثناءات:
1- يحتفظ الحامل المهمل بالحق في الرجوع على الساحب الذي لم يقدم المؤونة ولو لم يقم باحتجاج عدم الوفاء.
2- يحتفظ الحامل ولو كان مهملا بدعوى الإثراء بلا سبب مشروع ضد الملتزمين الآخرين.
3- يحتفظ الحامل المهمل باطلا في متابعة الملتزمين على أساس الدعوى الأصلية العادية.
ثانيا: السقوط نتيجة التقادم
تبعا للمادة 295 م ت فإن دعاوى الشيك تتقادم بمدد قصيرة بالمقارنة مع التقادم العادي، لأن ذلك يتلائم مع طبيعة هذه الورقة باعتبارها أداة وفاء لا ائتمان، الأمر الذي يقضي ألا تبقى الحقوق الناتجة عنها معلقة لمدة طويلة.
وتختلف مدد تقادم دعوى الشيك حسب أطراف الدعوى وذلك على الشكل التالي:
1- تتقادم دعوى الحامل على المظهرين والساحب وغيرهم من الملتزمين بمضي ستة أشهر، تحتسب ابتداء من يوم انتهاء المدة القانونية التي يقدم فيها الشيك
2- تتقادم الدعاوى التي يقيمها مختلف الملتزمين بالشيك بعضهم على بعض بمرور ستة أشهر، تحتسب ابتداء من اليوم الذي دفع فيه الملتزم مبلغ الشيك أو من اليوم الذي أقيمت الدعوى عليه.
3- تتقادم دعوى حامل الشيك ضد المسحوب عليه بمرور سنة، يبدأ احتسابها من يوم انقضاء مدة التقديم.
ويقدم التقادم الصرفي على قرينة الوفاء، أي على افتراض وقوع الوفاء رغم ادعاء الحامل بعدم وقوعه، لذلك خول المشرع بالرغم من انقضاء أجل التقادم إمكانية مطالبة المدين بأداء اليمين على براءة ذمته من الدين، فإن حلف برئت ذمته إبراءا صحيحا، وإن نكل أي رفض أداء الدين حكمت عليه المحكمة بالأداء بالرغم من التقادم، كما يلزم ورثته وذوو حقوقه بأداء اليمين على براءة ذمة موروثهم من الدين. (م 296 م ت).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق